ــــــــــــــــــ * * * ــــــــــــــــــ
ـ Atheer FM أثير إف إم/ أحمد عوضه
.
يتميز المطبخ الشعبي بمحافظة حجّة بأصنافٍ مميزة من الأكلات التقليدية التي ما تزال تحظى بشعبية لافتة لدى السكان المحليين، ولعل أبرز تلك الأكلات “المحشوش”، الذي يعدُّ جزءًا أصيلا من المائدة العيدية في كثير من مناطق محافظة حجة وبعض المحافظات الأخرى خلال أيام عيد الأضحى.
و”المحشوش” طريقةٌ تقليدية في طهي أضحية العيد، كانت قديمًا تستخدم لحفظ لحم الأضحية لفترة طويلة، خصوصا في المناطق الحارَّة، في وقتٍ كانت فيه وسائل التبريد غير موجودة، فقد وفرت لهم هذه الطريقة بقاء اللحم فترة طويلة دون أن يتأثر بالرطوبة والمناخ الحار، وفي الأغلب يتم طهيه وانضاجه على الحطب، وهي الطريقة المفضلة لكثير من ربات البيوت ولاسيما في المجتمع الريفي.
وعلى الأرجح لهذه الطريقة صلة بتسميه الـ”محشوش”، وهو اسم مفعول من الفعل “حَشَّ” ومنه “حشَّ النَّار” أي أضرمها وألقمها حطبًا، أمّا “حشَّ الشيء” أي جمعه إلى بعضه وقطَّعه، وكلا المعنيين يعضدان بعضهما في هذه الجزئية، فالأضحية قبل وضعها في القدر على النار تُقَّطع إلى قطع صغيرة، لتصير بعد نضجها “محشوشًا”.
بالرغم أن محافظة حجّة تعد الأولى من حيث شعبية هذه الأكلة التقليدية، تشتهر بها أيضًا بعض مناطق شمال اليمن مثل الجوف وصعدة وجنوب المملكة العربية السعودية المحادّة لمحافظة حجة من جهة الشمال بحكم التقارب الجغرافي، لكن شعبيتها في تلك المناطق ليست بذات القدْر الذي تحظى به في حجة، وأحيانا تختلف تسمية المحشوش وطريقة تحضيره من منطقة إلى أخرى في تفاصيل بسيطة.
لكن طريقة التحضير الأكثر شيوعيًا، تتم بتقطيع لحم الأضحية وشحمها إلى قطع صغيرة، ومن ثم يؤخذ الشحم، ليوضع في قدر على النار ويتم تحريك الشحم حتى ينتج زيتًا ويستوي الشحم، بعدها يوضع اللحم ليتم قليه في ذلك الزيت حتى ينضج، مع إضافة أنواع مختلفة من التوابل بمقادير معينة حسب كمية اللحم ونوع الذبيحة.
ولا يُعرَف تاريخ معين تم فيه ابتداع حفظ لحم الأضحية بهذه الطريقة، بيد أنَّ ما تُجمع عليه معظم روايات السكان المحليين أن تاريخ هذه الأكلة يتجاوز سبعة قرون. علمًا أن بعض تلك الروايات تقول إن أول من ابتدعها هي الأقلية اليهودية التي كان لها وجود في مناطق متفرقة من اليمن، كطريقة لتخزين لحوم ذبائحهم، تفاديًا للإتاوات التي كانت تفرض عليهم عنوةً وقسرًا في كل ما يُنتفع به من الأملاك والمتاع والذبائح، مع الإشارة أنه لا يوجد أي قرينة تؤكد هذه الرواية سوى ما بقي على ألسنة الناس.

    Verified by MonsterInsights